إلى الكادحات في أرض المليون ميل مقطع

يطل علينا الثامن من مارس ليجسد لنا ويحدثنا عن اليوم العالمي للمرأة والتي تمثل لنا حقيقة واحدة هي أن لا شيء في هذا الكون أغلى من الأم وأكثر حناناً من المرأة لذلك استحقت في هذا المجتمع التبجيل والتكريم ولعل أن المرأة هي أيضاً تمثل كل شيء في مجتمعنا فالأم هي كل شيء في هذا الوجود فهي التعزية في الحزن والرجاء في اليأس يكفي التعظيم الذي وجدته في كثير من مواضع القرآن الكريم وأحاديث النبي محمد صلى الله عليه وسلم ويكفي الاستدلال بأن إحدى سور اللوح المحفوظ سميت بسورة النساء وهذا إن دل إنما يدل على مدى مكانتها وعظمة الدور الذي تقوم بها وكذلك بحسب المعنى أن الجنة تحت أقدام الأمهات .
أحاول من خلال هذا المقال تناول دور المرأة ومكانتها ومعاناتها عسى ولعل تكون هنالك أذناً صاغية تصغي ما نكتب لتهتم بشأنها وتحفظ لها حقوقها وتمنع عنها القهر والإضطهاد . ولذا علينا أن ندرك أن المرأة تتعب في حياتها اليوم أكثر مما يتبعه شخص آخر فهي مُحبة للعمل فلا فرق بين الأم العاملة أو الماكثة في البيت لأن في النهاية كلاهما فردان مهمان للأسرة وبالتالي شخصان مهمان في المجتمع فالمرأة هي ينبوع من الحنان والرأفة والشفقة والحب والغفران خاصة إذا فقدها المجتمع فقد شيء مهماً كما إذا فقد واحد منا أمه فقد عيناً تحرسه .
دور المرأة في أي مجتمع نجده دور أساسي في نمو المجتمعات ونهضتها ، حيث هي التي تضع الجزء الأكبر من اللبنات في المجتمع لكونها الأم التي تمتلك سلاح التأثير في الأبناء وهي الأخت والزوجة ، لذا هي شريكة الرجل في تحمل مسؤوليات الحياة . وتلعب دوراً أساسياً يجب أن نعترف به في مناحي الحياة السياسية والقضائية والتجارية والثقافية والاجتماعية .  
مهم أن نقر بأن المرأة قد عانت في التأريخ البشري والواقع المعاصر وقائع مؤلمة من ظلم وبخس واعتداء وانتهاك لكرامتها ،  فالمرأة أكرمتها الديانات والأعراف والمعتقدات في كل أرجاء المعمورة  وفوقهم قد رفع الإسلام مكانة المرأة وأكرمها بما لم يكرمها به دين سواه ، فالنساء في الإسلام شقائق الرجال ، وخير الناس خيرهم لأهله ، ففي طفولتها لها حق الرضاع والرعاية وإحسان التربية ، وهي في ذلك الوقت كقرة العين وثمرة الفؤاد لوالديها وإخوانها . وإذا كبرت فهي المعززة والمكرمة التي يغار عليها ولا يرضى أن تمتد إليها أيد بسوء ، ولا ألسنة بأذى ، ولا أعين بخيانة .
المرأة مسؤولة عن تربية الأجيال ، وهي منتجة ومستهلكة كالرجل، وان مردود التعليم والعمل ليس محصوراً فيها فقط ، بل في المجتمع ككل ، حيث أن المرأة المتعلمة والعاملة تحقق لأسرتها مستوى معيشة أفضل ، كما أن المرأة المتعلمة أيضاً تسهم في تنمية المجتمع وذلك بفضل التعليم والعمل ، فلهما اثر إيجابي على مساهمة المرأة في عملية التنمية.
وبمناسبة اليوم العالمي لا يسعني إلا أن أتقدم بتحية صادقة إلى النساء الكادحات من أجل أطفالهن في وطن لم يعُد للحاضر والمستقبل فيه تأمين لحياة إنسان لأن الكل بات يعاني والفقر والجهل والمرض يحيط بأسوار المنازل . وإلى كل اللاتي يعملن تحت حرارة الشمس اللاهبة نساء كادحات يفترشن الأسواق والممرات لكسب لقمة العيش الحلال وسط ضجيج الأسواق الذي يعج بمختلف الأصناف من الرجال ، متحديات كل تلك الصعاب من اجل مواصلة العيش بعز وكرامة وتوفير متطلبات الحياة لعوائلهن وتعويض أطفالهن حنان وتضحيات الأب والأم معاً في مختلف الاتجاهات .وكذا التحية مرسلة بعبق جمال هذا الوطن وحبنا إليه لكل حواء بلادي من المعلمات والطبيبات والمهندسات والقانونيات وكافة الموظفات في أزقة المؤسسات وبراحات الغرف الحارة والباردة ولكل إمرأة تقطن بيتها ولكل من قادتها ظروف الحياة لتتجول في الطرقات فاقدة لعقلها لا تدري ما تقول وما تفعل ينعتها التائهون في أرصفة المقاهي بـ ( المجنونة جات ) وإلى كل اللاتي لم يتحملن الصعوبات فمضينا يسألون الناس بعض الجنيهات والدنانير يتحملن النظرات القاسية من بعض أصحاب القلوب القاسية فلولا قسوة الإجبار التي جعلتهن يمددن أياديهن للناس لمدت الأيدي لتصفع اللئام من بني الجلدة والوطن والدين .
إلى أمي الحبيبة وإلى أخواتي وإلى العمات والخالات وإلى الصديقات والفضليات وإلى اللاتي أبادلهن كل الود والتقدير ولهن مساحة احترام خاصة بداخلي إليكن جميعاً ترفع القبعات وتنحني الهامات إجلالاً واحتراماً وأملاً في أن يأتي الثامن من مارس القادم وأنتن في وطن يدرك نخبه أن للمرأة حق كما للرجل حق وأن المرأة شريك الرجل في بناء ونهضة المجتمع .

كفى ونلتقي وما بعد الليل إلا فجر مجدٍ يتسامى
نشر 👇🏽

.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

اعتصام كسلا .. الأسباب وموضوعية المطالب

طوكر .. عندما تقسو الولادة قبل ميقات الخروج