اعتصام كسلا .. الأسباب وموضوعية المطالب

بقلم/ عبدالهادي محمود محمد

منذ تشكل حكومة ثورة ديسمبر المجيدة والبلاد ظلت تتأرجح في واقعها السياسي والاقتصادي لا سيما الأوضاع الأمنية وأخطرها التلاعب الذي يحدث هنا وهناك بسلامة واستقرار النسيج الاجتماعي وشرق السودان كان واحدة من ميادين هذه اللُعبة حيث لم تشهد ولاياته الثلاث ابتداءاً من قضارف الخير مروراً لمحلية خشم القربة وامتداداً لثغر السودان بورتسودان لتعود الأيادي العابثة نحو درة الإقليم الشرقي كسلا الوريفة وما بين هدوء حذر في أوضاعها حتى امتد الأخطبوط الى محلية حلفا الجديدة .

✍🏼 كل هذه الاحداث شهدت سقوط ضحايا أبرياء كثيرون منهم سقطوا برصاص حي وضح في كثير منها انحياز بعض أفراد المؤسسات الأمنية لطرف دون طرف باستخدام أسلحة نارية و ( رشاش لا يستخدم إلا ضمن قوة متحركة ) و ( قد أثبتته الكثير من مشاهد الفيديو والصور ) ولم ينتهي الامر فقد نزحت عشرات المئات من الأسر للأحياء المجاور لمناطق النزاعات غير الحرق والدمار الذي لحق بالممتلكات من سكن ومحلات العمل .

⭕️ بالعودة قليلاً وبالتركيز أكثر على ولاية كسلا التي ظلت هادئة ويعيش أهلها في سلم وسلام طوال أحداث ولايتي القضارف والبحر الأحمر والهدوء الذي عاشته العاصمة التاريخية للإقليم الشرقي حيث مكّن بنيها شيباً وشباباً للزحف سيراً على الأقدام في بادرة سودانية وطنية لفتت انتباه الشعب السوداني والاعلام الخارجي دعماً للتعايش في البحر الأحمر . إلا أن الأيادي العابثة بأمان الناس في أرواحهم وأموالهم وتعايشهم عملت على نقل  العبث نحو مدينة السودان المُصغر وبين عشية وضحاها تفاجأ أهلها في وسائط التواصل الاجتماعي ظهور ( مجموعة فيسبوك ) تحمل مسمى ( المرصد نيوز ) وما بين هدوء الوضع في  بورتسودان بعد اتفاق القلد الأهلي فيها ( قلد البني عامر والحباب مع النوبة ) و قلد آخر ( بين المكونات الداخلية للبجا نفسها ( متمثلة في الحباب والبني عامر من جهة والهدندوة والأمرأر والبشاريين من جهة أخرى ) وفي عمق الأجواء الهادئة اتجهت ذات العناصر المفتنة أعينهم وأقلامهم لأرض التاكا فانخرط العابثون من خلال ( القروب ) لحملة عنصرية رعناء أسهمت بكثرة في بث خطاب الكراهية والتفرقة بين المكونات الكسلاوية .

⭕️ المؤسف وغير المستغرب فيه أن هذه الحملة العنصرية شارك فيها واحداً ممن يتبنون شعارات الحرية والتغيير ( فصلته لاحقاً من مجلسها المركزي ) فالمدعوا احيمر يتحرك يَمْنَةً ويَسْرةً يعقد الاجتماعات والمخاطبات يغذي من خلالها سمومه النازية وتسجيله الذي تسرب عن طريق الخطأ داخل ( قروب منبر الشرق السياسي ) فقد ( كان الفضيحة الكبرى له وانكشفت حقيقته لبعض الذين كانوا يشككون في حديثنا عن خطورة هذا الرجل على التعايش فتأريخه لنا معلوم إن لم يكُن للأخرين به علم ) .

⭕️ الاتهامات تلاحق ايضاً مدير مخابرات كسلا اللواء بدرالدين عباس بأنه يقف خلف هذا العبث إضراراً بالفترة الانتقالية في ولاية تعتبر بين أكثر الولايات التي يتحكم في مصير مؤسساتها عناصر مؤثرة وبارزة من النظام البائد وقيادات وكوادر الأمن الشعبي وقد انتقدنا البعض في الهجمة الشرسة لفضح هذا الرجل الأمني لكنها لم تكُن عن فراغ ( نعلم علم اليقين اجتماعاته مع المجموعات العنصرية وقياداتهم وكذلك دوره في فكرة تكريم صلاح قوش غيابياً داخل محلية ريفي كسلا بواسطة أحد عناصر أمنهم الشعبي وقد كان الهدف من ذلك إحداث فتنة أخرى بين مكونات المحلية إلا أن فطنة لجان المقاومة فيها أفشلت الفكرة في مهدها ) ومشاركته المستمرة في بث الخلافات داخل قوى الحرية والتغيير بجانب المسرحية المفضوحة التي لم تنطلي على أحد من أهل المدينة فأنتج مسرحية ( القبض على عدد 30قطعة سلاح مهربة من أقصى غرب السودان الى كسلا ليشكل أول ظهور اعلامي له بعد فضحه للاعلام وإظهار صورته الخفية ) وكذلك  القضية التي شغلت الرأي العام بالمدينة والبلاد بأثرها ( هروب مخزنجي السلام وكميات ضخمة من الأسلحة والزخائر تناولتها الصحف قبل أسابيع بالتزامن مع أحداث كسلا) بالطبع دون أي نتائج حول هذه المسرحيات وكان الكثيرون يكذبون حديثنا حتى سقط الفأس على رأس أحزاب ( قحت كسلا ) عندما ابتدر حملة لتشويه شرفاء القوى الثورية بتزوير مستندات حزبية تشكك في أعضاء لجنة الازالة والتمكين فاستفاق المجلس المركزي من غفلته ليجد حقيقة ما كنا نردده لأشهر فأخرج مجلسهم بيانه بتاريخ 4 يوليو 2020 والذي ورد فيه حرفياً في فقرته الأولى (..... تابع شعبنا جملة الإصدارات الأمنية المزورة ضد أعضاء قوى الحرية والتغيير الموثوقين الشرفاء في قروب (المرصد نيوز) سيئ الذكر المدار عبر (مدير جهاز المخابرات العامة بكسلا) وزبانيته من منسوبي النظام البائد والمنتفعين والعنصريين وضعاف النفوس، الأمر الذي يجعله يتصدر قائمة أعداء الثورة مما يدفعنا للتصعيد الواضح المباشر ضدهم ) انتهى الاقتباس ويبقى التساؤل بعد كل هذا أيُعقل أن لا تضعه لجان المقاومة وقوى الحرية والتغيير التي صنفته على رأس قائمة المتربصين بالثورة ليكون ضمن قائمة مذكرة 30 يونيو التي طالبت بإعفاء ومحاسبة عدد من رموز نظام البشير المتواجدين في مؤسسات الولاية ؟ أم كل هذه الخيانة والتآمر على الثورة وقواها الثورية و الاضرار بالفترة الانتقالية ليست أسباب كافية لإقالته ومحاسبته ؟

✍🏼 كل هذه الاحداث أثقلت على عدد واسع من شباب الشرق عامة وكسلا خاصة فانتقال الاقتتال الأهلي لولايتهم وفشل الأجهزة الأمنية في القبض على مروجي خطاب الكراهية والإساءة ( معلومين للسلطات عِلم إدارتهم على رأس أجهزتهم ) فالدماء التي سالت من أسر فقدت خيرة من يعولها ومن فلذات اكبادها من كل الأطراف وكذلك التلاعب بمستقبل الولاية التي عجزت عن إحداث أي تغيير ثوري يُذكر كان لابد من فعل ثوري يشبه الثورة ينهي حالة العجز السياسي التي تعتري الوريفة والصمت عن العابثين بنسيج أهلها وتآمر مدير مخابراتها وفشل اللجنة الأمنية في ضبط المتفلتين والمفتنيين وعدم ظهور نتائج التحقيق في احداث القضارف وبورتسودان والقربة وكسلا والان حلفا الجديدة .

✍🏼 المعلوم أن العمل السياسي والنضال السلمي المدني في مواجهة ما يحدث هو حق مكفول لكل فرد أو جماعة حزباً كانوا أو تكتلاً للمجتمع مدني او لضحايا انتهاك واقتتال وغيره وبهذا المفهوم تنادى عدد من الناشطين لاعتصام سلمي تم اختيار مدينة كسلا لاعتبارات كثيرة أهمها ( وسط بين ولايتي القضارف والبحر الأحمر ودورها التاريخي كعاصمة للإقليم ) وذلك بمطالب عادلة وثورية كانت مخاض ما يحدث على الأرض من تمكين واستمرار للنظام البائد وعنف أهلي وإضرار بالنسيج وتهديد استقرار الفترة الانتقالية مدوا أياديهم بيضاء مفتوحة لكل الأطراف من أجل إنجاح التجربة الوليدة بالولاية والمشابهة لاعتصام نيرتتي العظيمة .

✍🏼 وقد جاءت مطالبهم ملامسة لتطلعات التغيير المطلوب وأبرز ما فيها على سبيل المثال لا الحصر ففي مطالب السلام والتعايش :
1/ الإسراع في عملية السلام وتحقيق العدالة الانتقالية وحقوق الإنسان
2/ إقالة الولاة العسكريين وتعيين الولاة المدنيين وتكوين المجالس التشريعية
3/ توضيح نتائج لجان التحقيق في أحداث شرق السودان (القضارف _كسلا _ البحر الأحمر )
4/إقالة مدير جهاز الأمن كسلا وبقية أعضاء اللجنة الأمنية و تطهير الخدمة المدنية والمؤسسات من النظام البائد في الإقليم الشرقي 
5/ محاسبة وتقديم المتورطين من النظاميين والمدنيين في أحداث العنف بالإقليم الشرقي لمحاكمات عادلة وناجزة وعدم الإفلات من العقاب 
6/ جبر الضرر وتعويض المتضررين في أحداث الشرق على وجه السرعة وتعزيز السلم الإجتماعي وإزالة الغبن .
7/ تفعيل القوانين الرادعة لمحاربة العنصرية وملاحقة مروجي خطاب الكراهية ومؤججي الفتن في الفضاء الإسفيري بتفعيل قانون ( محاربة العنصرية والتمييز ) وفتح نيابة المعلوماتية في مدن الإقليم الشرقي
✍🏼 وتتمثل مطالب الاعتصام في قضايا التنمية في :
1/ عدم التفريط والمساس بموانئ السودان وإعادة هيكلة الموانئ والمحافظة على حقوق العمال وإعادة وتأهيل ميناء عقيق .
4/ إستعادة التخليص الجمركي لإقليم شرق السودان و معالجة اختلال الخدمة المدنية في الإقليم .
5/ تنظيم التجارة البينية بين دول الجوار ( اثيوبيا - اريتريا - مصر ) ومكافحة التهريب المضر بالاقتصاد الوطني .
6/ إصلاح وتأهيل المشاريع الزراعية بالإقليم الشرقي (طوكر – القاش – سيتيت ومشاريع الزراعة المطرية بالقضارف ) وحماية الموسم الزراعي والمزارعين في الفشقة والقضارف وتأمين مسارات الرعي
7/ وضع حلول جذرية ومستعجلة لمعالجة مشكلة مياه القضارف والبدء في مشاريع توصيل مياه النيل لمدينة بورتسودان.

✍🏼 كل هذه المطالب المذكورة مثالاً والموضحة تفصيلاً في صفحة اعتصام كسلا على الرابط 
https://www.facebook.com/Kassala411 في اعتقادي لا أحد يستطيع المزايدة عليها إلا مكابر أو يفكر في احتكار الفعل الثوري فمطالب المعتصمين تمثل ضروريات التغيير المنشود وتشكل معالجة للواقع السيء الذي تشهده الولاية والاقليم ومن الأهمية أن يتلاقى الجميع في هذا الأمر كوسيلة ضغط سلمية لتحقيق ما ظلت تنادي به القوى الثورية ولجان المقاومة في مليونية 30 يونيو فترك والبحث عن حجج غير مقنعة من البعض لن تثني أحداً من الاستمرار لهذا من المهم مصافحة اليد الممدودة لتحقيق ما يدفع من عملية التغيير المطلوبة والتي نتطلع إليها جميعاً .

✍🏼 رسالة للمعتصمين :
التركيز على الصمود والسلمية والاستمرار لا تجعلوا من بعض الأصوات النشاز والغُربان الذين يحومون خفاءاً من حول مدير مخابرات الولاية التأثير على قوتكم وتمسككم بهذه المطالب المشروعة والتي لن يجد أي فرد حريص أو منظومة مؤمنة بثورة ديسمبر مثلها في تحقيق أهداف الثورة والانتقال للحكم المدني كمطلب رئيسي من مطالبها .

✍🏼 رسالة لأوفياء السودان عامة والشرق خاصة بالداخل والخارج:
من أوجب واجباتنا ومسئولياتنا الأخلاقية اتجاه إيماننا بعدالة المطالب وضرورات تحقيقها وضمان الاستقرار وسلامة نسيجنا الاجتماعي علينا أن نكون سنداً معنوياً ومادياً وعينياً لدعم الاعتصام ونتداعى له لمصلحة بلادنا ومجتمعاتنا التي ظلت تعيش في هدوء في ود واحترام طوال تاريخها فلنحرص على ذلك ونؤدي الدين الذي في اعناقنا وللكل محبة واحترام .

تحياتي - أبوفاطمة

تعليقات

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

طوكر .. عندما تقسو الولادة قبل ميقات الخروج

تساؤلات بريئة .. كبسولات وبراهين